خواطر ونصوص

ثباتُ القلوب في رحلةِ المحاولة

 

أيُّها السائرون على دربِ المُحاوَلة،
يا مَن عرَفتم معنى أن يُنهِككم الطريق، ولا تُنهِككم الإرادة…
يا مَن سقطتم مرّاتٍ لا تُعدّ، لكنكم في كلّ مرة نهضتم، ولو بوجعٍ لا يُرى…

اعلموا، أنّ الله لا يُهمل، ولا ينسى، ولا يمرّ على الصدق مرّ الكرام.
كل خطوةٍ خطوتُموها بشقِّ الأنفاس،
كل دمعةٍ نزلت في لحظةِ كسر،
كل ضياعٍ حسبتموه تيهًا،
وكل انتظارٍ ظننتمونه خيبة…

كله محفوظٌ في خزائن الرحمة، مرصودٌ بدقّةٍ لا تُخطئها عناية الله.

الله، الذي يرى النوايا وهي لم تُنطق،
ويحتوي التعب وهو لم يُشتَك،
ويجبر القلوب في سكونٍ لا يُشبه ضجيج البشر،
لن يضيّع تعب من صدق في الطلب، وواصل في الرجاء.

ما من محاولةٍ خرجت منكم إلّا وسَجّلت حضورها في ميزانٍ لا ينسى.
ما من جهدٍ خفيّ بذلتموه، ولو لم يصفّق له أحد،
إلّا وكان له في السماء صدى، وفي الأرض أثر، وفي الغيبِ جزاء.

فلا تستعجلوا الحصاد،
ولا تقيسوا الثمرَ بمقاييس الوقت،
فبعض البذور لا تُزهِر في ربيعٍ واحد،
وبعض الأمنيات تحتاج لصبرٍ يُشبِه العبادة.

أبشروا…
فأنتم لا تمشون وحدكم.
وإن بدا الطريق موحشًا، ففي الخفاء مَن يُمهّد لكم المسير،
وفي العتمة مَن يكتب لكم فجراً لا يشبه إلا وفاء الله لعباده الصابرين.

لا تخافوا من التعب،
خافوا فقط من أن تُسلِموا قلوبكم لليأس…
فاليأسُ هو العائقُ الوحيدُ بينكم وبين أبوابِ الرحمة المفتوحة.

فيا كلّ من أرهقه الطريق، لا تَرجع…
فما من خطوةٍ خطوتها لله، إلّا وكانت لك، لا عليك،
وما من تعبٍ صدقت فيه النية، إلّا واحتفى به الغيبُ قبل أن تُبصره عينك.
امضِ بثبات، فإن الله لا يُخيّب ظنًّا صادقًا،
ولا يُطفئ نورًا انطلق من قلبٍ مكسورٍ لكنه ما انطفأ.

كُن على يقين، أنّ خلف كل هذا العناء، حكمة تُربّي فيك روحًا أقوى،
وأنك في كل ما تمرّ به… إنما تُبنى لا تُهدَم.

مرتينا موسى برادعية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى