المقالات

على عتبة عامٍ جديد

لم يكن العام كلّه مظلماً، ففي كلّ يومٍ مرّ بنا كان هناك شيء صغير يستحق أن يُذكر. كان في أيامنا لحظات ناعمة تشبه نسمات الصباح، وأحاديث دافئة استقرّت في القلب، وصحبة خفيفة جعلت طريقنا أقلّ وعورة. وفي المقابل، مرّت علينا أيام ثقيلة، حاولنا فيها أن نقف رغم التعب، وأن نبتسم رغم الانشغال، وأن نُكمل المسير رغم ما واجهناه من صعوبات.

نملك ذكريات أحببناها لأنّها منحتنا معنى للوقت. ونملك أشياء حاولنا الحفاظ عليها لأنّنا خفنا أن نفقدها. ونملك أشخاصًا دخلوا حياتنا فأضاؤوا أجزاءً منها، وآخرين غادروا بهدوء، تاركين خلفهم درسًا لطيفًا عن التقدير والقبول.

كان في داخلنا أحلام لا تزال تنبض، وأمنيات لم تكتمل بعد، وانتظار طويل نحمله بطمأنينة؛ لأنّنا نؤمن بأنّ ما كُتِب لنا سيأتي في الوقت المناسب. وكلّما ظننا أننا اقتربنا من النهاية، وجدنا بداية جديدة تُخبرنا أن الحياة ليست سباقًا، بل رحلة تتفتح فيها الأبواب حين يحين الوقت.
لقد تغيّر فينا الكثير. أصبحنا نرى الأمور بعيون أهدأ، ونفهم الكلمات بطريقة أعمق، ونمنح أنفسنا حقّ التمهّل قبل أن نحزن أو نفرح أو نخاف. أدركنا أن بعض ما خسرناه لم يكن فقداً، بل عبورًا لما هو أجمل. وأنّ بعض ما نريده لم يحن موعده بعد، وأنّ ما نملكه الآن يكفي ليكوّن بداية مطمئنة.
نحن اليوم أكثر نضجًا، أكثر معرفة بأنفسنا، وأكثر قربًا من السلام الداخلي. نجحنا في تجاوز العام بكل ما كان فيه؛ لا لأنّه كان سهلًا، بل لأنّ قلوبنا كانت ثابتة، ولأننا حاولنا، مرّة تلو أخرى، أن نختار اللطف على الغضب، والأمل على اليأس، والدعاء على الانطفاء.
نقف الآن على عتبة عام جديد، نحمله كصفحة بيضاء نكتب فيها بوعيٍ أعمق ورحابة صدر أكبر. نتمهّل، نبتسم، نفتح قلوبنا لما هو قادم، ونسأل الله أن يكون في الطريق نور، وفي الأيام سعادة، وفي الأرواح طمأنينة.
عامٌ نرجو أن يأتينا بما يليق بقلوبنا التي حاولت كثيرًا.

مرتينا موسى برادعية.✍🏻

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى