
في كل عام، تمضي علينا مواسم عظيمة، لكن القلوب لا تنتبه إلا حين توقظها النفحات.
وموسم العشر من ذي الحجة ليس مجرد أيام، بل دعوة مفتوحة للجهاد من نوعٍ آخر، جهاد لا تُسمع فيه أصوات السيوف، بل أصوات الأرواح وهي تتطهر، والنفوس وهي تسابق الرياح في طلب القُرب.
قال النبي ﷺ:
“ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام”
كلمات تهزّ القلب:
“أحب إلى الله”.
تأمّل هذا جيدًا…
هل خطر في بالك يومًا أن يكون الله يُحب عملك؟
بل يُحبك أنت؟
أن ترى السماء اسمك مكتوبًا في قائمة “المحبوبين عند الله”، فقط لأنك استثمرت عشر ليالٍ بصدق؟
ليست المسألة مجرد حسنات تُكتب، بل محبة إلهية تُمنح.
وأي شيء أعظم من أن يحبك الله؟
من أحبّه الله، قرّبه، ومن قرّبه، شفاه من قسوة قلبه، ورفع قدره، وربما جعله سببًا لهداية غيره.
في هذه العشر، ميادين الجهاد ليست بعيدة.
هي أمامك… في:
سجدة خاشعة في جوف الليل.
دمعة بينك وبين الله لا يعلمها أحد.
صدقة تخبئها كأنها سرّ مقدّس.
كلمة طيبة ترمم بها قلبًا منهارًا.
استغفار تهمسه وأنت في طريقك للدراسة أو العمل.
أيها الشاب، أيتها الفتاة…
ليست كل ساحات الجهاد تَحمل السلاح، بل بعض الجهاد أن تحمل قلبك وتُقوّمه، أن تُجاهد هوى نفسك، وأن تنتصر على كسلك، على تأجيلك، على فوضى حياتك.
ابدأ من جديد…
اختر الله، وجرّب أن يُحبك الله.
فالعشرُ ليست فرصة عابرة، بل صوت من السماء يقول لك: اقترب.
فهل ستتجاهل النداء؟
من تزطوطين، إلى كل شاب تائه يبحث عن معنى…
عشر ذي الحجة ليست فقط أيامًا،
بل هي علامة على أن باب التغيير ما زال مفتوحًا، وأنك قادر أن تبدأ، من جديد، بقلب جديد.
أية الرمضاني
