بين دفّتي “همس الفصول الأخيرة”، تسكن روح أنثى مثقلة بالشعر، تنسج من الحروف وشاحًا من الحنين، و تبوح بصوتٍ لا يشبه سوى نفسها.
زلفى أشهبون لا تكتب القصيدة لتتغزّل بالعابر، بل لتستنطق الصمت، و تمنح المسكوت عنه فرصة الوجود. في كل سطر من هذا الديوان، يطلّ وجه الحقيقة، ناصعًا أو متعبًا، لكنه دائمًا إنسانيّ حدّ الوجع.
الكاتبة تُمسك بخيوط الواقع كما تمسك الريح بظلّها؛ تُحاوره دون أن تخضع له، تُدين قسوته أحيانًا، و تغفر له حين يلين.
بين دفء الصداقة و مرارة الخيانة، بين وهج الحبّ و برودة النسيان، تتقاطع المشاعر كفصولٍ متناوبة، لكل فصلٍ همسه الخاص، و لكل همسٍ حكاية تنبض بالحياة.
في “همس الفصول الأخيرة”, لا نجد البوح العاطفي فحسب، بل نلمس أيضًا نبض المجتمع، ذلك الذي تتسلّل إليه الشاعرة برفق الأنثى و جرأة المفكّر.
تدافع عن القيم التي تكاد تُنسى، و تذكّر بأن الإخلاص لا يموت ما دام في القلب متّسع للتسامح.
فالتجارب المؤلمة في شعرها ليست نهايات، بل جسور عبور نحو الصفح و الغفران.
قصائد زلفى أشهبون تُشبه مرايا متقابلة: فيها صورة الحنين حين يعجز النسيان، و صدى الوجع حين يُصرّ القلب على التذكّر.
لكنها، رغم كل ما يوجع، تزرع في النصوص بذور أمل صغيرة، تكبر بين السطور كزهرة لا تعرف اليأس.
“همس الفصول الأخيرة” ليس مجرد ديوان شعر، بل هو اعتراف ناضج بإنسانيتنا، بتناقضاتنا، و بكل ما يجعلنا نحبّ و نُخطئ و نغفر.
إنه عمل يذكّرنا بأن الشعر، حين يخرج من القلب، لا يُقرأ فقط… بل يُعاش.
بقلم :سلمى القندوسي