
أصدرت مجموعة كلتورا الدولية للنشر و التوزيع عملاً سردياً جديداً للكاتب المغربي عبد السلام بوعسل، تحت عنوان “رصيف الذاكرة”، و هو عمل أدبي يغوص بعمق في العوالم النفسية للإنسان الممزق بين الحنين و الواقع، و بين رغبة الخلاص و ثقل الذاكرة.
و تحكي الرواية، التي تُعد أولى التجارب الإبداعية للكاتب في مجال السرد، مأساة رجل يعيش صراعاً داخلياً طويلاً بعد أن تتقاطع حياته مجدداً مع حبيبته القديمة “نوال”، التي سبق أن تخلّت عنه دون تفسير بعد سنوات من الدراسة المشتركة في معهد التدريب الصحافي.
يعود اللقاء صدفة بعد عقدين من الفراق، لكن المشهد ينتهي بتجديد الخذلان، ليغرق البطل بعدها في عزلة خانقة تطاردها ذكريات لا تنتهي.
و تنطلق أحداث القصة من مقهى “مانيلا” حيث يجلس البطل وحيداً، غارقاً في تأملات تقوده عبر مسار من الألم و الحيرة.
تتعاقب مشاهد الماضي و الحاضر كإعادة شريط لحياة تتقاذفها الخيبات، وصولاً إلى محاولة انتحار فاشلة داخل مصعد معطّل، و كأن القدر يأبى أن يمنحه فرصة الهرب من واقعه.
و تقدم الرواية صورة إنسانية مؤلمة عن أثر الفقر والصدمات العاطفية على النفس، مستحضرةً تفاصيل مدينة تطوان و فضاءات مغربية أخرى بروح واقعية غنية بالوصف النفسي واللغة الشعرية.
و تتحول “نوال” في هذا العمل إلى رمز للحب الضائع الذي يصبح لعنة تلاحق البطل، و جسراً لقراءة انكسارات جيل كامل بين المثالية و قسوة الحياة.
و يعتبر الكاتب عبد السلام بوعسل، و هو أستاذ و باحث في القانون الخاص، واحداً من الأصوات السردية الصاعدة، يمزج في كتاباته بين الحس الفلسفي وعمق التجربة الإنسانية، و يستلهم من تفاصيل اليومي ما يحوله إلى مرآة تعكس هشاشة الروح وقوة الذاكرة.
“رصيف الذاكرة” ليست مجرد قصة حب، بل رحلة تأملية تتجاوز حدود الحكاية لتلامس جوهر الإنسان و هو يواجه ذاته، تحت مطر يتحول إلى رمز دائم للوجع و التحول.