المقالات

بناء الأفكار

المجتمع والوسط الذي نعيش فيه يشكّلان بيئة تجعل الإنسان أكثر ليونة وتأقلمًا، وتقبّلًا للأفكار العاميّة كأنها حقائق ثابتة لا تقبل التشكيك، لأن الشكّ والسؤال يُزعزعان استقرار تلك الأفكار. لكن الإنسان العاقل والطبيعي، بطبيعته، كثير التساؤل؛ ولهذا نجد الطفل يسأل كثيرًا، ويطرح أسئلة قد تبدو بسيطة، بل ساذجة أحيانًا، لكنها في الواقع تعبّر عن طبيعة الإنسان المفكّر الذي يسعى للفهم. فالطفل، في جوهره، أحد أعظم الفلاسفة.

الطفل يكون في مرحلة بناء أفكاره حول الأشياء، وتساؤلاته نابعة من عدم تشبّعه الكافي بالأفكار المتاحة في محيطه الأسري والاجتماعي.

وعند بلوغه سنّ المراهقة، يبدأ في محاولة بناء معتقداته الخاصة، سعيًا للوصول إلى الحقيقة. أحيانًا نجد مراهقًا متمرّدًا على الأعراف الاجتماعية أو العقائدية، وأحيانًا أخرى نجد مراهقًا أكثر خضوعًا وخوفًا، فيكتفي بتلقّي الأفكار كما هي، دون أن يبذل جهدًا في التشكيك أو التساؤل حول منطقيّتها وقابليّتها للتصديق واليقين.

الشكّ، إذًا، ضرورة لفهم الحقيقة وبناء التصوّرات. فمن خلال التشكيك في المسلّمات والأفكار العاميّة والعقائد، يبدأ الإنسان في تشكيل رؤيته الخاصة، ممزوجة بما هو شائع، ثم يضبط أفكاره ليقترب من الحقيقة. وعلى الجانب الآخر، نجد من يتمسّكون بالأفكار التي يتلقّونها دون تمحيص، وقد يقبلون أي فكرة جديدة بسهولة ويصدّقونها دون فحص، أو يجزمون بأن ما لديهم هو الحقّ المطلق، فيرفضون الشكّ ويقعون في الدوغمائيّة.

بقلم: أمين بنهدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى