
موسم جني الزيتون حصاد الوحدة والتآخي لأنه في قريتنا يستقبل كعيد سنويّ تجتمع فيه العائلات صغارا وكبارا فرحين بقدومه مستبشرين ومستعدين لقطف ثمار الزيتون الذي ظلّ طوال العام يمدّنا بظلّه وبركته. قبل أن تبدأ عملية الجني تبدأ التحضيرات علی قدم وساق فيجتمع الرجال والشباب لتجهيز الأدوات اللازمة والمساعدة في عملية الجني كالشباك والسلال والعصي أما النساء فيقمن بتحضير الطعام والشراب مزينين موائدهم في الهواء الطلق بمأكولات تقليدية كالكسكس والفلفل المهروس والمطلوع المخبوز والمطهي علی الجمر . ومع شروق الشمس يتوافد الجميع إلی الحقول متسلحين بالجدّ والعزم علی إنهاء الجني في وقت قصير متلاحمين ومتضامنين فيما يسمی بالتويزة حيث يجتمع شباب ورجال القرية من أجل مساعدة من لا يملك يدا عاملة لجمع المحصول ، بل ويتسابقون لفعل ذلك وكلهم فرح وحيويّة ،حتی الإطفال لا يقفون مكتوفي الأيدي بل يساعدون الكبار قدر إستطاعتهم فرحين بإجواء المرح التي تسود المكان وفي الظهيرة يتحلّق الجميع حول النار لتناول مايعينهم علی إكمال مشقة وتعب اليوم. إنّ موسم الجني في قريتنا وفي قری القبائل ليس مجرد فترة حصاد وجمع محصول ، هو احتفال بالحياة وترسيخ للهوية وتجسيد للتراث وتجديدٌ للعلاقات الاجتماعية التي تربطنا ببعضنا البعض أنّه وقت للعمل الجماعيّ والتكافل وفرصة للنقل التقاليد والأعراف إلی الأجيال القادمة.
بقلم / مريم بوعطة