المقالات

التراث الأمازيغي … عادات وتقاليد موروثة

ربما سمعتَ يومًا عن الأمازيغ أو الحضارة الأمازيغيّة، إذا كنت كذلك، فأول مايجب عليك أن تعرفه عن هذه الحضارة العريقة الممتدة إلی ماقبل الميلاد والتي خلّفت الكثير من الإنجازات وصبغت التاريخ بالعدد من العادات والتقاليد هو أنّها تمركزت في الشّمال الإفريقي أو إفريقيا البيضاء، حيث شملت الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريطانيا والصحراء الغربيّة حتی أنّها وصلت إلی مصر فهناك أسطورة تقول أنّ الأمازيغ تواجدوا في مصر وعانوا من ظلم فرعون حتی جاءهم الملك الأمازيغي ششناق فحارب فرعون وخلّص أمازيغ مصر من بطشه وطغيانه.
إنّ الحضارة الأمازيغيّة قديمة قدم التاريخ وعلی الرّغم من ذلك لم يبق لها أثر إلّا في الجزائر والمغرب وجزء من تونس وليبيا، حيث بدأت تختفي تدريجيّا بعد دخول الإسلام واستقراره في شمال إفريقيا، حيث تداول علی حكمها العديد من الدول وعانت من استعمار العديد من الحضارات أبرزها الحضارة الرّومانية والبيزنطية وممّا ساعد علی اندثارها خوضها العديد من الحروب مع مختلف الدول، آخرها مع الدولة العثمانية التي أخضعتها و عاشت تحت حكمها وسلطتها فترة طويلة من الزمن لم تنتهي إلا بعد دخول الاستعمار الفرنسي إلی المنطقة، وبدخول الأتراك و الكراغلة ومن ثمة الاستعمار الفرنسي.
قلّ عدد الأمازيغ الأصليين وأصبحوا محصورين في الجزائر والمغرب الأقصی والذين أعادوا لأنفسهم الاعتبار وأحيوا لغتهم وتراثهم وعاداتهم وتقاليدهم وتمسكوا بها، ومن بينها الاحتفال برأس السّنة الأمازيغيّة يناير والذي تتخلّله العديد من العادات والتقاليد والتي تختلف من منطقة إلی أخری، ففي منطقة القبائل وهي المناطق الداخلية في الجزائر يحضرون أكلات تقليدية مشهورة ولذيذة مختلفة منها البغرير أو ثيبوعجاجين فتدهن بزيت الزيتون الذي تمّ جنيه في موسم سنويّ وهو بدوره عادة أخری لها طقوسها وتقاليدها لازالت قائمة إلی يومنا هذا. هناك من يذبح ديكا ويحضّر به طبق الكسكس بسبعة أنواع من الخضار يدعی ب(سكسو سبعة إيسوفار) أمّا في منطقة الأوراس الأشمّأي باتنة وخنشلة وأم البواقي وقالمة وغيرها فتحضّر أكلة شعبية تسنی (تيكوركابين) ،وهناك من يجلس أصغر طفل في العائلة وسط إناء خشبي كبير يسمی (ثاربويث) ويفرغون عليه مختلف أنواع الحلويات والمكسرات تيمنا بأن تكون حياته المستقبليّة حلوة وطيبة.
إنّ المجتمع الأمازيغي وعلی إختلاف أطيافه من قبائل وشاوية وميزابية وشنوية وتارقية من أكثر المجتمعات تنظيما وتنفيذا لأحكام الشريعة الإسلاميّة حيث أن لهم طريقة معاقبة خاصة وخاصة المجتمع القبائلي، يتركون المعاقب يعيش وحيدا منفيّا طول حياته يمتهن أحقر المهن ، وفي قصة (أبابا ينوفا) الأسطورية خير دليل علی ذلك ، والمسؤول الأول علی تنفيذ الأحكام في المجتمع القبائلي هي (ثاجماعث) وهي مجموعة من أعيان القرية من كبار السّن وحفّاظ القرآن ودارسي مختلف العلوم يترأسها كبير القرية أو مايعرف ب (أمقران نوذروم) أو (أمغار نثادرث) وعليه فلا يحتاجون إلی محاكم لفض نزاعاتهم و حلّ مشاكلهم .
إنّ التضامن في قری القبائل ومدنها ما عدّد المظاهر ويظهر جليّا بين أفرادها وأسرها بعادات وتقاليد لا زال يحييها سكانها إلی يومنا هذا ومنهاش التويزة أو (ثيويزث) وهي تجمع أفراد القرية لمساعدة شخص ما في عمل يحتاج إلی اليّد العاملة أو إلی مال كثير كجني الزيتون أو بناء بيت أو التحضير لعرس والتكفل بمصاريفه أو إقامة مأتم أو عزاء وغيرها والوزيعة أو (ثمشرطث) وهي جمع المال من أغنياء القری وشراء أبقار وأغنام وذبحها وتوزيع لحنها علی سكان القرية غنيها وفقيرها وتقام هذه العادة قبل شهر رمضان أو فصل الشتاء بعد الإنتهاء من جني الزيتون، وفي خضم هذه العادات والتقاليد لا ننسی المرأة الأمازيغيّة التي تشاطر الرجل في كل أعماله فتفلح الأرض وتحتطب من الغابة وتجني الزيتون وتبني البيوت وتحارب الدخيل يدا بيد مع زوجها أو والدها محافظة علی حيائها وحشمتها من خلال لباسها التقليدي الزاهي الألوان والمستوحي من اللباس الإسلامي، فتغطي شعرها وسائر جسدها برداء طويل يسمی (ثقندوث) وتتأزر منفوقه بقطعة قماش تسمی (لفوظة). يبقی الشّعب الأمازيغي هو أفضل وأرقی شعب عرفه التّاريخ في نظري ونظر كلّ من عرفه أو قرأ عنه أو خالطه، لذلك أفتخر أنّني أمازيغيّة مسلمة افتخارا لم يسبقه افتخار.

مريم بوعطة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى